احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

\"لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس\".

Die Bilder haben wir von unserem neuen Korrespondentin in Syrien Rawshn Muhammad.
figures and mottos for a freedom   ,YABROUD, SYRIA  

Place and, Date: Damascus, SYRIA, aug, 15,2012  
Copyright\Photographer: Rawshn Muhammad/DW

فيما فتحت المدارس السورية أبوابها وبدأ العام الدراسي الجديد، تفاقمت مشكلة الأسر التي نزحت إلى المدارس هربا من القصف. هو صراع ما بين حب العلم وحق الفرد في العيش الآمن، هذا ما تتناوله الحلقة السابعة عشرة من يوميات سورية.
لم تكن أم أحمد تتخيل يوما أنها ستعود إلى مقاعد الدراسة بعد أن جاوزت الخمسين من عمرها، وبعد أن رسمت السنين على وجهها خطوطا أكثر من الخطوط التي كانت ترسمها وهي على مقاعد الدراسة في صغرها. أم أحمد التي لطالما كانت توجه أولادها وأحفادها بعبارة "المدرسة هي بيتكم الثاني، يجب أن تحافظوا عليها " حولت اليوم القول إلى حقيقة بعد أن اضطرت إلى النزوح مع أولادها وأحفادها إلى أقرب مدرسة داخل دمشق بعد أن طالت القذائف والقصف المدفعي منزلهم الذي يقع في حي الحجر الأسود، هذا الحي الشعبي الذي يقع في القسم الجنوبي من العاصمة دمشق.
وهكذا صارت المدرسة بيتهم الثاني الذي يقيهم من خطر التشرد الذي لاحقهم فور خروجهم من حيهم، إلا أن اقتراب موعد افتتاح المدارس بات يشكل هاجسا جديدا أمام أسرة أم أحمد وغيرها من الأسر التي أصبحت مضطرة إلى الخروج إلى المجهول لاستقبال الأطفال الآمنين الذين لم تتأثر بيوتهم ولا أحياؤهم إلا بأصوات المدافع التي تنهال على أحياء غيرهم.

دعتني أم أحمد إلى الجلوس معها على إحدى مقاعد الدراسة بعد أن رتبت مجموعة من المقاعد بشكل يتيح استقبال الضيوف من المشرفين أو من نازحي الغرف الأخرى. وبنبرة يملؤها الحزن قالت "لا نعرف إلى أين سيأخذوننا وماذا سيحل بنا بعد افتتاح المدارس. جارتي تم نقلها مع عائلتها من المدرسة التي لجأت إليها إلى مدرسة أخرى إلا أن المدرسة الجديدة كانت مكتظة جدا بالنازحين ولم تعد تستوعب المزيد، فخرجت مع عائلتها إلى إحدى الحدائق، وأخشى أن تواجه عائلتي المصير نفسه الآن". تقطع حديثها بابتسامة لتخفي وراءها بعض الدموع التي تجمعت في عينيها ثم تستطرد قائلة "منذ صغري وأنا أحب الدراسة وكنت أشجع أولادي وأحفادي عليها ولكن الآن أشعر بأن افتتاح المدارس بمثابة كابوس أتمنى أن لا يحدث".

الدمار في بعض المدن طاول المدارس أيضا
تشير أم أحمد بيدها إلى حفيدها الذي يبلغ من العمر حوالي السبع سنوات ليقترب منها ويجلس إلى جانبها إلا أنه يرفض ذلك ويؤثر البقاء في زاوية الغرفة ويبدأ بالبكاء. تطلق أم أحمد ضحكة خفيفة وتقول "هذه هي عادة حفيدي عندما ينزعج منا يرفض الاقتراب من أي شخص". وعندما سألتها عن سبب حزن الطفل أجابت "بدأ بالبكاء عندما علم بأن المدرسة ستفتح أبوابها بعد أسبوع وأن أباه لن يستطيع أن يشتري له صدرية، (اللباس الرسمي الموحد لتلاميذ المدارس الابتدائية) بسبب غلاء سعرها هذه السنة. وعلى الرغم من قول الحكومة بأنهم لن يتشددوا بشأن اللباس المدرسي إلا أن حفيدي ليس لديه سوى هذه البيجامة التي يلبسها وتعلمين كيف سينظر الأطفال له وهو بهذه الحالة".
وعلى الرغم من الأحاديث الكثيرة التي كانت في جعبة أم أحمد، إلا أني كنت مضطرة لإنهاء هذه الزيارة بسرعة، بعد أن وجهت لي صديقتي مها التي تطوعت للعمل في المدرسة للإشراف على اللاجئين ومساعدتهم بعدم البقاء طويلا في الغرف حتى لا تتعرض للمساءلة من قبل غيرها من المشرفين. فهؤلاء المشرفون تم وضعهم أساسا للمراقبة "حرصا على إبقاء الأمور تحت السيطرة" حسب تعبير صديقتي مها.
توجهت إلى مستودع الأغذية حيث كانت صديقتي ترتب بعض علب الحليب التي تم التبرع بها من أهالي الحي. مها لا تخفي قلقها من النقص الحاد في المواد الغذائية والأدوية التي يتم التبرع بها للاجئين، خاصة مع زيادة عددهم بسبب قرار الحكومة بخفض عدد المدارس التي ستستمر في استقبال اللاجئين إلى إحدى عشرة مدرسة فقط تتوزع داخل مدينة دمشق. الحكومة أصدرت قرار يقضي بإفراغ باقي المدارس بسبب بدء العام الدراسي الجديد، غير مكترثة للتداعيات السيئة لهذا القرار على العائلات الموجودة في هذه المدارس.
وعندما سألت مها إن كان هناك جهة رسمية تقدم الدعم المادي لهذه المدارس على اعتبار أنها مراكز رسمية لإيواء اللاجئين أجابت "نحن نعتمد على التبرعات الإنسانية للأهالي اعتمادا كليا، ولم تقدم أي جهة رسمية دعما ماديا أو إنسانيا يذكر، بل على العكس فقد قامت إحدى الجهات الرسمية بأخذ ستين وجبة غذائية من إحدى المدارس كان قد تبرع فيها أحد التجار لهذه المدرسة ولم يستطع أي من المشرفين القائمين على المدرسة الاعتراض على الأمر".
خرجت أنا وصديقتي من المدرسة بعد انتهاء الفترة اليومية المخصصة لها لنلتقي بأخيها هاني الذي يبلغ من العمر سبعة عشر عاما، حيث أحرص في كل مرة ألتقيه فيها على تشجيعه على أن يتجاوز بنجاح المرحلة المفصلية المقبل عليها وهي مرحلة الثالث الثانوي والتي تشكل تحديا صعبا لجميع الطلاب في مثل سنه، إلا أنه استبق المحاضرة المعتادة التي ألقيها عليه وهمس في أذني بالقرار الذي اتخذه مع رفاقه "لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس".


الكاتب سوسن محروسة ـ دمشق
المحرر هبة الله إسماعيل

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق